لما أراد المصنف رحمه الله الاستدلال على إثبات العرش لله تعالى، ذكر أحاديث منها الضعيف ومنها الصحيح، وقد ذكر شيخ الإسلام في الرسالة العرشية أحاديث أكثر مما هنا وأكثرها صحيح وذكر بعض الأحاديث الضعيفة منبهاً عليها، وكان جديراً بالمصنف أن يأتي بالأحاديث الصحيحة فقط، وهو في غنى عما جاء في هذين الحديثين الضعيفين، حديث (الأوعال) وحديث (الأطيط).
أما الحديث الأول: وهو دعاء الكرب، فهو حديث صحيح -لا شك في صحته- متفق عليه، وفيه إثبات العرش كما ذكره الله في القرآن، ويجب أن نعلم أن ما صح من الأحاديث في أبواب العقيدة، فيه الغنية والكفاية عما لم يصح، ولكن لعل في ذكرها فائدة وهو التنبيه على ما فيها، وأيضاً التنبيه والإجابة على إشكالات قد تقال عند هذه الأحاديث، لا سيما وأهل البدع في القديم والحديث يشنعون على أهل السنة لإيرادهم هذه الأحاديث ويقولون: إنها ضعيفة، وباطلة، ومخالفة للعقل... إلى آخر ما قالوا!
ونحن لو صحت عندنا فإننا نؤمن بها، كحديث الأوعال أو حديث الأطيط -على أن الأطيط للعرش، لا كما يظن أولئك أن أهل السنة يجعلونه من صفات الله- أما وهي لم تصح فلا مجال ومكان لما يشغبون به ويشهرون به على أهل الإثبات والحق.